الجمعة، 9 يوليو 2010

دبلوم التربية في تكنولوجيا المعلومات والإتصالات/ تجربتي وكادر










منذ اليوم الأول لي مع كادر شعرت بأن هناك الكثير لأتعلمه، رغم أنني كنت أظن واهمة بأنني أعلم الكثير من أساليب التدريس ومهارات فن التدريس، ففي اليوم الأول سطعت أشعة ذهبية من مدربينا لتستقر ساكنة في وجداننا لتضيف معنى آخر للتعليم في ضمائرنا وتزيد ثقلا جديدا في حقائبنا كمعدات نتسلح فيها في غرفنا الصفية.
عشت مع كادر تجربة تماما كتلك التي أجريها وطلبتي في مختبر العلوم، فلكل تجربة إطار نظري يتبعه إطار عملي ذو خطوات وإجراءات دقيقة تصل بك بلا شك إن كنت تنتهج الطريقة العلمية الصحيحة الى حقائق ومباديء جديدة، تتعلم منها وتبني عليها لتقوم بتجارب أخرى تضيء لك الطريق لتصل الى أهدافك المنشودة وغير المنشودة، وهكذا كادر وأكثر، فهي برأيي كالمفاعل النووي الذي ينتج الطاقة التي تعيننا على رفع سوية التعليم، والغريب أن تلك الطاقة التي تنتجها كادر هي من قلوب المعلمون المؤمنون بأهمية التغيير، فما على كادر إلا أن تشعل فتيل التغيير حتى تتحول شرارة نارها الى نور ليتغنى الجميع بأن العلم نور والمعلم نور وأنا أقول وكادر نور.
لقد أولت كادر في المساقات الأربعة الأولى من برنامجها الإهتمام الأكبر لإستراتيجيات التدريس والتقويم الحديثة ونظريات التعلم والتعليم وغيرها من المواضيع التي لم أكن لأتناولها شخصيا دون الإنضمام لكادر، والتي تمس واقع العملية التعليمية بيد تجس موضع الألم لتحضر الدواء الأمثل، وطرحت مواضيعها الشيقة بطريقة تبتعد كل البعد عن تكرار ذاتها، ففي كل مرة كنا ندخل في متاهات وعجائب أدوات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وتطبيقاتها، لنتعلم داخل تلك المتاهات كيف نغامر ونثابر، لنخرج منها بطرق ابتكارية من صنع أيدينا، وأكف مدربينا الذين كانوا يرقبوننا ويوجهون أعمالنا، ويرفدون طموحاتنا لنصل الى مبتغانا في كل مرة ولنحصل على الجبن في نهاية الطريق الذي كان الوصول إليه حلم من أحلام أقزام أساطير التعليم التقليدي القديم.
أما المساق الخامس فهو مساق كريم يعمل بمبدأ أرساه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) ونحن المعلمون أولى بتعليم وتدريب بعضنا بعضا، وأولى بشد بنيان تعليمنا ليصبح شامخا، فتلك مسؤوليتنا شئنا أم أبينا، ولا يكون ذلك إلا إذا مارس المعلم قيادته بطريقة ديمقراطية لاتؤتي ثمارها إلا إذا تدرب وتكرم بتدريب زملائه مانحا إياهم خلاصة تجاربه وعصارة جهده وعمله الحثيث على استثمار تجاربهم الخاصة بهم ومفاهيمهم المستقلة وتوظيفها لمساعدتهم لحل مشكلاتهم بإعطائهم المفاتيح السرية التي تفتح معظم الأبواب المغلقة، والتي تخفي ورائها أكوام من متاعب عملية التعليم والتعلم، فها هو المعلم مدرب، قائد، زميل، وشريك لإخوته المعلمين مدركا لحاجاتهم ومحددا لها بطرق حديثة دقيقة تكشف عن خفايا واقع أحوال مدارسنا.
تلك هي الأدوار الجديدة للمعلم فهو قائد في غرفته الصفية وقائد في أروقة مدرسته بعدما كان المدير هو القائد الوحيد الذي يظن بأنه قادر على إصدار أحكام الإدارة دون التنبه الى التغيير القادم وكأنه يعيش في دولته المستقله، لايحسب حساب من حوله فصولجان الإدارة في يده اليمنى، وفانوس الأمنيات الغارقة في سبات عميق في يده اليسرى، فلا حماس يجوب أرجاء المدرسة وقالب طموحاتها هو ذاته لايكبر ولا يصغر، لذا كان قد آن الأوان لهذا القالب لأن ينكسر، ولمارد الفانوس أن يفيق من سباته ليصبح التدريب هو مارد التغيير الماهر الجبار القادر على إحداث الفرق.
ولإحداث الفرق جاءت البحوث الإجرائية التي طالما أعددناها مسبقا، ولكن في هذه المرة بطريقة تتناول المشكلة من جذورها مرورا بساقها ثم أوراقها، لتتدرج في التأمل فيها وتحليلها وتنظيم فرضياتك فيها واختبارها لتصل الى ثمارها، لتقدم لك طعم الحلول التي تمنتها منك مدرستك لتنهض بها الى أعلى القمم. ولإحداث فروقا جديدة، كانت حلقات التعلم ونادي الكتاب ومصادر التعلم الداعمة، أفكار تطبيقية ليتعلم المعلم تعلما مستمرا مستمدا من خبرات وقراءات زملائه ومن ثقافات الشعوب، ومن النقاش والحوار الذي كان أساسا للتعليم والتعلم في العصور الإسلامية الذهبية.
ولإحداث الفرق لابد من الوقوف مطولا عند أعتاب حاجاتنا ما لها وما عليها، بعين الملاحظ الخبير وبخطوات منهجية منظمة لتحديد أولويات تلك الحاجات ودراستها لتقديم أفضل الحلول لتلبية تلك الحاجات حتى لا تبقى تلك الحاجات عائق أمام تقدمنا نحن معلمو عصر الإنفجار والإقتصاد المعرفي.
ولتحكم كادر الإغلاق على دائرة التغيير لتطوير وتحديث التعليم في بلدي الحبيب الأردن، ولتحقيق رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في جعل الأردن مركزا لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات في المنطقة كافة، جاءت الحلقات الأخيرة من المساق الخامس متسلسلة طارحة مفاهيم إدارة المشاريع التي تسعى للتخفيف من مشكلات مدارسنا ولتحقيق تلك الرؤية السامية فيما يتعلق بتوظيف أدوات التكنولوجيا في التعليم، موضحة خطواتها ابتداء بوصف المدرسة، وتتابع مراحلها بتفصيل دقيق يتخلله التحليل الرباعي للمشروع الذي يشبه بنظري دراسة لجدوى المشروع، بحيث يضمن لك التسلسل في تلك الخطوات الإبحار نحو منارة التغيير على مهل وبتأني، متسلحا بكلمات السر والمرور لعملية التغيير والتي تساعدك في الحفاظ على استمراريتها ليتسلم زمامها من بعدك طلابك الذين أثرت بهم وغيرت فيهم أساليبك التكنولوجية الحديثة على مقاعد الدراسة، ليصبحو بدورهم معلمين وقادة ومدربين ومديري مشاريع تغيير، تصل بهم وبالأجيال القادمة الى حدود الشمس التي تأبى أن يجاورها غير النجوم، فبادر عزيزي وزميلي المعلم لتعيش تجربتك الخاصة مع كادر لتخرج (كما خرجت أنا) من فانوس الماضي لتصبح نجم اليوم وتتوهج في الغد شمسا في سماء التعليم الحديث.
ولضمان استمراية ما بدأته من تغيير وللمضي قدما في مراحل تطوري المهني والذي إنعكس على فعاليتي في مدرستي سأستمر في ممارسة أدواري الجديدة آخذة بيد كل من حولي للإنخراط في مشاريع التغيير للعمل على تطوير التعليم والإندماج في الحراك التربوي المتمثل في تطوير المناهج والمواد التدريبية وأساليب التدريس الحديثة وتطبيقاتها، وسأحمل بين أضلعي شعارا تبنوه أهلي في كادر...... الأرض موطئي والسماء غايتي....
تلك هي سيمفونية كادر التي عزفتها على مدار سنوات عمرها وستبقى تعزفها مستمدة العزم من همة المعلم الأردني الأصيل الذي يطرب فرحا على أنغامها والتي أخذت بيده ليصبح سيدا للموقف التعليمي الحديث وباني للشراكة بين جميع أطراف العملية التعليمية المتمحورة حول طلبتنا الأعزاء، وليس لدي أدنى شك في استمرارية كادر في البحث عن أحدث الأستراتيجيات المتبعة عالميا لإضافتها الى قاموس مساقات الدبلوم لتضيف مواضيع جديدة خلال تطوير منهاجها وتلافي بعض المشكلات المتعلقة بترتيب المواضيع المطروحة وأخطاء الطباعة، وتعديل معايير تقويم بعض جزئيات واجبات المساقات، خاصة الأخيرة منها.
شكرا لكم مدربينا في كادر شكرا سيظل يطرق أبوابكم ما حيينا، ففيضان نبل أخلاقكم أغرق أرض ذاكرتنا بفوح العطاء ولون ربى أيامنا بالخير والإرتقاء.

المعلمة: سوسن محمود الحوراني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق